responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 538
مِنَ الْغُيُوبِ، ثُمَّ يُوحُونَ بِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ فِيمَا (يُوحِي) [1] بِهِ إِلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ يُسْمِعُونَهُمْ مَا لَمْ يَسْمَعُوا وَثَانِيهَا: يُلْقُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمُ السَّمْعَ أَيِ الْمَسْمُوعَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَثَالِثُهَا: الْأَفَّاكُونَ/ يُلْقُونَ السَّمْعَ إِلَى الشَّيَاطِينِ فَيُلْقُونَ وَحْيَهُمْ إِلَيْهِمْ وَرَابِعُهَا: يُلْقُونَ الْمَسْمُوعَ مِنَ الشَّيَاطِينِ إِلَى النَّاسِ، وَأَكْثَرُ الْأَفَّاكِينَ كَاذِبُونَ يَفْتَرُونَ عَلَى الشَّيَاطِينِ مَا لَمْ يُوحُوا إِلَيْهِمْ، فَإِنْ قُلْتَ يُلْقُونَ مَا مَحَلُّهُ؟ قُلْتُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ أَيْ تَنَزَّلُ مُلْقِينَ السمع، وفي محل الجر صفة لكل أَفَّاكٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَحَلٌّ بِأَنْ يَسْتَأْنِفَ كَأَنَّ قَائِلًا قال: لم ننزل عَلَى الْأَفَّاكِينَ؟ فَقِيلَ يَفْعَلُونَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإِنْ قلت كيف قال: وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ بعد ما قَضَى عَلَيْهِمْ أَنَّ كَلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَفَّاكٌ؟ قُلْتُ: الْأَفَّاكُونَ هُمُ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ الْكَذِبَ، لَا أَنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يَنْطِقُونَ إِلَّا بِالْكَذِبِ، فَأَرَادَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَفَّاكِينَ قَلَّ مَنْ يَصْدُقُ مِنْهُمْ فِيمَا يَحْكِي عَنِ الْجِنِّ وَأَكْثَرُهُمْ يَفْتَرِي عَلَيْهِمْ.

[سورة الشعراء (26) : الآيات 224 الى 227]
وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)
اعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا قَالُوا: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنَزَّلُ بِالْقُرْآنِ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا أَنَّهُمْ يَنْزِلُونَ بِالْكَهَانَةِ عَلَى الْكَهَنَةِ وَبِالشِّعْرِ عَلَى الشُّعَرَاءِ؟ ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ فَرَّقَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الكهنة، فذكر هاهنا مَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَ الشُّعَرَاءِ، وَذَلِكَ هُوَ أَنَّ الشُّعَرَاءَ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَيِ الضَّالُّونَ، ثُمَّ بَيَّنَ تِلْكَ الْغِوَايَةَ بِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الطُّرُقُ الْمُخْتَلِفَةُ كَقَوْلِكَ أَنَا فِي وَادٍ وَأَنْتَ فِي وَادٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَمْدَحُونَ الشَّيْءَ بَعْدَ أَنْ ذَمُّوهُ وَبِالْعَكْسِ، وَقَدْ يُعَظِّمُونَهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَحْقَرُوهُ وَبِالْعَكْسِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَطْلُبُونَ بِشِعْرِهِمُ الْحَقَّ وَلَا الصِّدْقَ بِخِلَافِ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ إِلَى آخِرِهِ بَقِيَ عَلَى طَرِيقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الدَّعْوَةُ إِلَى اللَّه تَعَالَى وَالتَّرْغِيبُ فِي الْآخِرَةِ وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الدنيا الثاني: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عَلَامَاتِ الْغُوَاةِ، فَإِنَّهُمْ يُرَغِّبُونَ فِي الْجُودِ وَيَرْغَبُونَ عَنْهُ، وَيُنَفِّرُونَ عَنِ الْبُخْلِ وَيُصِرُّونَ عَلَيْهِ، وَيَقْدَحُونَ فِي النَّاسِ بِأَدْنَى شَيْءٍ صَدَرَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَسْلَافِهِمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَا يَرْتَكِبُونَ إِلَّا الْفَوَاحِشَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْغِوَايَةِ وَالضَّلَالَةِ.
وَأَمَّا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ اللَّه تَعَالَى لَهُ: فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ [الشعراء: 213] ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ حَيْثُ قَالَ اللَّه تَعَالَى له: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214] وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ طَرِيقَةِ الشُّعَرَاءِ، فَقَدْ ظهر بهذا الذي بيناه أن حلال مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يُشْبِهُ حَالَ الشُّعَرَاءِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمَّا وَصَفَ الشُّعَرَاءَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ بَيَانًا لِهَذَا الْفَرْقِ اسْتَثْنَى عَنْهُمُ الْمَوْصُوفِينَ بِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا: الْإِيمَانُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا، وَثَانِيهَا: الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ،

[1] في الكشاف (يوحون) 3/ 132) ط. دار الفكر.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 538
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست